نقل الآقا الميرزا أبو القاسم العطار الطهراني عن العالم الكبير الحاج الشيخ عبد النبي النوري وكان أحد تلامذة الحكيم الحاج ملا هادي السبزواري، قال: في أواخر عمر السبزواري جاء إلى منزله يوماً شخص وأخبره: بأنه عثر في المقبرة على شخص نصف بدنه في التراب والنصف الآخر في الخارج، ويلقي ببصره إلى السماء، وكلما يزاحمه الأطفال لا يعتني بذلك.
فقال السبزواري: لا بد أن أراه بنفسي، فلما ذهب الملا إلى قبره رآه على تلك الحال فاقترب منه ورأى أنه لم يعتن به.
فقال له الملا: من أنت وما عملك؟ لأني لم أرك مجنوناً، ومن جهة أخرى فإن عملك غير عقلاني؟
فقال في جوابه: أنا شخص جاهل ولكن لي علم بشيئين، أحدهما: علمت أن لهذا العالم خالقاً عظيم الشأن ويجب معرفته وعدم التقصير في عبادته، الثاني: علمت أني لا أبقى في هذا العالم وسأذهب إلى عالم آخر، ولم أعرف كيف يكون حالي في ذلك العالم؟ إني في حيرة من هذين العلمين، وقد اشتد خوفي حتى يظن الناس أني مجنون. وأنت عالم المسلمين وتعرف ذلك، وأخذت كثيراً من العلم، لماذا لا تتوجع ذرة ولا تبالي ولا تفكر؟
هذا الكلام أصاب كالسهم قلب السبزواري وولد له جرحاً عميقاً، وكان في آخر عمره يفكر في سفر الآخرة، وتحصيل زاد هذا السفر، وطريقه المحفوف بالخطر، حتى فارق الدنيا.